تُعَدُّ جزيرة قشم، الواقعة في قلب الخليج الفارسي، من أغنى المناطق الثقافية في إيران، حيث تجمع بين التاريخ العريق والتراث الحيّ. وتمثّل الفنون التقليدية في قشم انعكاسًا لهوية الجزيرة وروح سكانها، بدءًا من الحِرَف اليدوية، مرورًا بالموسيقى والرقص الشعبي، وانتهاءً باللباس التقليدي والرسوم الزخرفية.
تُشكّل الفنون التقليدية في جزيرة قشم جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي غير المادي الذي توارثته الأجيال. وقد ساهم الموقع الجغرافي للجزيرة على ساحل الخليج الفارسي في تفاعلها مع ثقافات العرب، والفرس، والهنود، والبرتغاليين، ما أدى إلى تشكّل هوية فنية فريدة من نوعها.
الصناعات اليدوية تُعدّ من أهم الفنون التقليدية في قشم، وتشمل:
صناعة السفن الخشبية (لنج): وهي مهنة بحرية متجذّرة في ثقافة سكان الخليج الفارسي، حيث تُصنع السفن بأدوات يدوية دون استخدام المسامير المعدنية.
النسيج اليدوي (التلي والبُخّية): وهو نسيج تقليدي تستخدم فيه النساء خيوطًا ملونة لصنع الأوشحة والملابس التقليدية.
صناعة القوارب الصغيرة والحُليّ: باستخدام أصداف البحر وخشب النخيل.
تعكس الموسيقى المحلية حياة البحر والصيد والفرح، ومن أشهر أنواعها:
موسيقى الليوة: ذات أصول أفريقية، تؤدى في المناسبات والاحتفالات.
موسيقى الزَفن والندبة: وهي أغانٍ جماعية تقليدية تُرافقها الطبول والدُفوف.
الناي البحري والطُنبور: آلات تقليدية تُستخدم في الطقوس الشعبية.
تتميّز جزيرة قشم برقصات شعبية تعبّر عن مناسبات الفرح والزواج والعودة من البحر، مثل:
رقصة العيالة
رقصة البحر
رقصات الصيادين
وتمزج هذه الرقصات بين الإيقاع الحيوي والحركة الجماعية.
الملابس التقليدية تُعدّ من مظاهر الفن الشعبي وتتميّز بـ:
لدى النساء: البوشية المطرّزة، والعباءات الزاهية، والبرقع الذهبي الذي يغطّي جزءًا من الوجه.
لدى الرجال: الدشداشة البيضاء، والعِقال، والغُترة.
هذه الملابس تعكس هوية سكان قشم وصلتهم بالبيئة البحرية والخليج الفارسي.
في البيوت القديمة في قشم، تظهر الزخارف النباتية والهندسية على الأبواب والجدران، بالإضافة إلى الرسومات البحرية والسفن. كذلك تُستخدم الحنّاء في تزيين أيدي النساء بنقوش فنية دقيقة.
تلعب النساء دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الفني في قشم، خصوصًا في مجالات النسيج، التطريز، الرسم بالحناء، وصناعة الحُليّ، مما يجعلها عمودًا أساسيًا في نقل الفنون للأجيال القادمة.
أصبحت جزيرة قشم مركزًا مهمًا لـ السياحة الثقافية في إيران، حيث تجذب الفنون التقليدية آلاف الزوّار من مختلف أنحاء العالم. وتُقام في الجزيرة مهرجانات سنوية تُعرض فيها:
الحرف اليدوية
العروض الموسيقية
الأزياء التقليدية
الرقصات الشعبية
هذه الأنشطة تُعزز من موقع قشم في الخارطة السياحية لـ الخليج الفارسي.
تسعى المؤسسات الثقافية في إيران إلى تسجيل بعض الفنون التقليدية في قشم على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما يتم تنظيم دورات تدريبية للأطفال والشباب لضمان استمرارية هذه الفنون.
إن الفنون التقليدية في جزيرة قشم ليست مجرد مظاهر احتفالية، بل هي مرآة حقيقية لروح الخليج الفارسي. فهي تحكي قصة شعب عاش على البحر، وتفاعل مع ثقافات مختلفة، واحتفظ بهويته الأصيلة. إن دعم هذا التراث وحمايته مسؤولية جماعية للحفاظ على جمال جزيرة قشم ومكانتها الفريدة في التاريخ والثقافة.
بدون تعليق