تُعَدُّ جزيرة قشم، الواقعة في قلب الخليج الفارسي، من أكبر الجزر الإيرانية وأجملها على الإطلاق. تشتهر الجزيرة بتاريخها العريق، وتراثها الثقافي المتنوع، ومناظرها الطبيعية الخلابة، ما يجعلها واحدة من أهم وجهات السياحة في إيران. تمتاز جزيرة قشم الإيرانية بتعدد ثقافاتها، وتنوّع معالمها، وعمقها التاريخي الذي يعكس مزيجًا فريدًا من الحضارات القديمة والحديثة.
تقع جزيرة قشم في الجنوب الإيراني، مقابل مدينة بندر عباس، وهي تمتد على طول يقارب 135 كيلومترًا، وتبلغ مساحتها نحو 1,500 كيلومتر مربع، مما يجعلها أكبر جزيرة في الخليج الفارسي. يحيط بها عدد من الجزر الأصغر مثل جزيرة هرمز، وجزيرة لارك، وجزيرة هنغام. موقعها الاستراتيجي جعل منها نقطة وصل بين الحضارات، ومركزًا للتجارة البحرية منذ آلاف السنين.
تشير الآثار المكتشفة في جزيرة قشم إلى أن تاريخها يعود إلى ما قبل الميلاد. كانت الجزيرة موطنًا للعديد من الحضارات القديمة، مثل العيلاميين والفرس والساسانيين. كما تشير النقوش والقبور القديمة إلى وجود حياة حضرية منذ آلاف السنين.
مع دخول الإسلام إلى إيران، أصبحت قشم محطة تجارية مهمة بين بلاد فارس والعالم العربي والهند. وقد تعاقب على حكمها العديد من السلالات الإسلامية مثل الصفويين والقاجاريين، حيث ازدهرت فيها التجارة وصناعة السفن وصيد اللؤلؤ.
في القرون الوسطى، حاول البرتغاليون السيطرة على الجزيرة لأهميتها البحرية، وقد بنوا فيها عددًا من الحصون، أبرزها قلعة البرتغاليين، والتي تُعَدُّ من أهم المعالم التاريخية في قشم.
تتمتع جزيرة قشم بتراث ثقافي غني يشمل العادات، والتقاليد، والملابس، والموسيقى، والمأكولات الشعبية.
يتحدث سكان الجزيرة الفارسية والعربية، وتمتزج في لهجتهم مفردات من اللغتين. كما يدين معظمهم بالإسلام، وينتمون إلى المذهبين الشيعي والسني.
يتميز اللباس التقليدي في قشم بألوانه الزاهية ونقوشه الجميلة، حيث ترتدي النساء “البوشية” و”العباءة”، بينما يرتدي الرجال “الدشداشة” و”الشماغ”، في مشهد يعبّر عن الهوية الخليجية الأصيلة.
من أشهر المهرجانات في قشم، مهرجان الصيد التقليدي ومهرجان السفن الخشبية، اللذان يعكسان تراث السكان البحري وارتباطهم العميق بالبحر.
يُعد من أغرب التكوينات الجيولوجية في العالم، ويُروى أن النجوم سقطت على هذه المنطقة فشكّلت تضاريسها الغريبة.
وهو كهف أثري محفور في الجبال، يعود إلى الحقبة الساسانية، ويعكس براعة الإنسان القديم في البناء داخل الصخور.
وهي غابة مائية مدهشة تظهر وتختفي حسب المد والجزر، وتعد من أبرز وجهات السياحة البيئية في قشم.
شُيّدت في القرن السادس عشر، وتبقى شاهدة على أطماع البرتغاليين في الخليج الفارسي.
أصبحت قشم وجهة سياحية عالمية بفضل مشاريع التنمية الاقتصادية، والمناطق الحرة التجارية، وجمالها الطبيعي. وتستقطب سنويًا آلاف الزوار من داخل إيران وخارجها، لما توفره من أنشطة مثل الغوص، ورحلات القوارب، وتسوق المنتجات التقليدية.
إن تاريخ وتراث جزيرة قشم يمثلان صفحة مشرقة من صفحات الحضارة في الخليج الفارسي. فهي ليست مجرد جزيرة، بل عالمٌ متكامل من الجمال الطبيعي، والتنوع الثقافي، والتاريخ العريق. إن زيارة قشم ليست فقط رحلة سياحية، بل تجربة إنسانية وتاريخية لا تُنسى.
بدون تعليق